تعلَّمتُ اللّغة العربية من والدي معتقداً أن لهجته تُمثِّل ما يستخدمُه جميع المُتحدِّثين باللغة العربية. ولكن إعتقادي هذا تلاشى عندما بدأت بتعلُّم اللغة العربية "الفصحى" في المدرسة. عندها، أدهشنا أستاذ اللغة العربية عندما أكَّد لنا بأن لغة "الضاد" هي اللغة الوحيدة المشتركة بين جميع المتحدثين باللّغة العربية، ومِمَّا زاد من دهشتي بأن اللغة التي شرعنا بتعلُّمِها كانت مختلفة كُلياّ عمّا تعلَّمتُه في المنزل، وما سمعتُه في الشوارع، وما أدركتُه خلال زياراتي إلى دول الشرق الأوسط ودول الخليج العربي.
يُعد تعلّم اللغة العربية أحد أكثر التحديات التي واجهتها في مسيرتي الأكاديمية والمهنية، حيث استغرق الأمر مني سنوات لأستوعب المنطق وراء الأشياء التي حفظتها في طفولتي كالببغاء. وإذا كنت أريد تلخيص الوقت الذي أمضيته في تعلم اللّغة العربية الصحيحة، سوف أقول إنه حوالي ضعف الوقت الذي استغرقته في تعلم اللّغة الإنجليزية. في نهاية المطاف، تعلَّمتُ الفصحى ولكني حرصت على استخدامها في المدرسة فقط وعلى العودة إلى لهجتي المَحَلِّية عند اي تواصل خارج الإطار الدراسي.
يمثل تعلّم اللغة العربية الفصحى بإتقان تحدياً كبيراً لكافة متحدثيها الذين قد يجدوا صعوبات عند الغوص في أعماقها أو عندما يحاولون تفسير العبارات التي يستخدمونها في لهجاتهم المحليّة. ولأن اللغة العربية واحدة من أغنى لغات العالم وأكثرها تعقيدًا ولأن لهجاتها المتعددة تزيد من صعوبتها، فإن العديد من الكلمات المستخدمة لها معانٍ متعددة قد تؤدي محاولة تفسيرها لأصدقائك أو زملائك من بلد آخر إلى مواقف محرجة أو طريفة أحياناً. هنالك عدة نظريات عن نشأة اللهجات المختلفة في لغة الضاد وجميعها تقول بأن تطور المجتمعات وفَرض لغة الأقوى، حثَّ الأفراد على إستخدام لهجات خاصة بهم للتعبير عن إنتمائهم وثقافتهم وطبقاتهم الاجتماعية باختلافها. فتمايزت المفردات بين شعوب المناطق العربية خاصة بعد اختلاطهم بشعوب أخرى أو خضوعهم لظروف قاهرة إضطرتهم لتغيير بعض مفرداتهم أو لإدخال بعض المفردات الجديدة التي أصبح استخدامها فيما بعد عُرفٌ لا يميّزه إلّا قلة قليلة من خبراء اللغة.
وبالرغم من نشأتي وتأثري بلهجتي المحليّة، أتت محاولاتي لاتقان اللغة العربية الفصحى بثمارها بعد مرور سنين عديدة وبعد إصراري على فهمِها من خلال المنطق والممارسة. هذا النهج، بالإضافة إلى إيجاد طريقة لجعل تعلم اللغة ممتعاً، ساعدني على الارتقاء بلغتي العربية عوضاً عن اهمالها مثلما فعل الكثير من معارفي. ولم يقتصر عشقي لهذه اللغة الجميلة على عملي فقط، بل انتشر في جميع جوانب حياتي، وكانت نعمة فتحت لي العديد من الفرص.
لقد تغيّر المفهوم التقليدي للتعليم بشكل جذري خلال السنوات الماضية، وترسّخ هذا التغيير خلال الأشهر الفائتة لاسيّما مع ظهور جائحة فيروس كورونا، فلم يعد التواجد الجسدي هو خيار التعلم المفضّل، فعندما أصبح غ...
بينما كنت أقدّم إحدى الدورات التدريبية الأسبوع الماضي؛ باغتني أحد المشاركين بسؤال مثير للاهتمام، كان السؤال حول أوجه الشبه والاختلاف بين التعليم والتطوير والتدريب. لاشك أن سؤاله دفعني للتفكير للحظة؛ وسرعان ما استذكر ذهن...
2023© جميع الحقوق محفوظة