قرأت مؤخرًا مقالًا حول ضرورة إدارة مستويات طاقة الموظفين بدلاً من التركيز فقط على إدارة الوقت. أنا لست من المؤمنين بإدارة الوقت،حيث إن الوقت هو مورد ثابت، لكنني أعتقد أنه يجب علينا أن نهدف إلى إدارة أنفسنا لاستخدام الوقت بفعالية وكفاءة. أثناء التفكير في هذاالموضوع كتبت الأسطر التالية.
كانت هناك مؤسسة شعارها "وقتكم من ذهب"، وكانت مؤسسة معروفة جداً بتقنياتها المتطورة ومنتجاتها المبتكرة ونهجها الصديق للبيئة. داخل جدرانها، عمل الموظفون بلا كلل لتلبية المواعيد النهائية وإدارة المشاريع وتحقيق النجاح. ومع ذلك، في ظل السعي المحموم للإنتاجية،ظهر تحدي كبير - وهو التوازن الدقيق بين إدارة طاقة الموظفين وإدارة الوقت.
تم تكليف الموظفين في المؤسسة بأهداف طموحة حتى واجهوا ضغوطًا مستمرة لتحقيق النتائج. كانت المؤسسة تعتقد أن إدارة الوقت هيالمفتاح للنجاح، حيث أكدت الإدارة على أهمية الجداول الزمنية الصارمة واستغلال كل ثانية من ساعات العمل. في ظل هذه البيئة المتطلبة،أدرك كريم، أحد مدراء المشاريع الموهوبين، أن هذا النهج يترتب عليه تكلفة ثقيلة على الجميع وأن الضغط المستمر لتحقيق النتائج أرهقالموظفين ولم يستطيعوا الحفاظ على أداء متميز طوال اليوم.
علم كريم أنه يجب أنه لا بد أن يكون هنالك طريقة أفضل، لذا بدأ يبحث في العلاقة بين إدارة الطاقة والإنتاجية، واكتشف أن الأداء المستداميعتمد على إدارة الوقت وإدارة مستويات الطاقة الخاصة بالأفراد على حد سواء، فبدأ بالتحدث مع زملائه عن أهمية رفاهية الموظفين وإدارةالطاقة. لدهشته، وجد أن هناك استجابة إيجابية بينهم. اقترح كريم نهجًا جديدًا يوازن بين إدارة الوقت وإدارة الطاقة من خلال إدخال فتراتالراحة والنشاطات البدنية وممارسات إعادة تجديد الطاقة ضمن جداول العمل. هذه الأنشطة أعطت الموظفين المرونة لإدارة طاقتهم بفعالية. فكان لاستحداث فترات الراحة القصيرة وممارسة التمدد وتمارين التنفس العميق أو المشي السريع في الهواء الطلق أثراً إيجابياً علىإنتاجية الموظفين. كما كان لتعيين أماكن للاسترخاء حيث يمكن للموظفين أن يتأملوا أو يأخذوا قيلولات سريعة نتائج مباشرة لرفع مستوياتطاقة العمال. قام كريم وفريق عمله بتنظيم ورش عمل حول إدارة الضغوط والتغذية وأهمية التوازن بين العمل والحياة، وشرحوا ازملائهم فوائدالحفاظ على عادات صحية داخل وخارج مكان العمل، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والحصول على نوم كافٍ، لتعزيز الطاقةالعامة والرفاهية.
لاحظ كريم تحولًا ملحوظًا بين زملائه، وبدا الموظفون أكثر تركيزًا، كما أنهم تمكنوا من استخدام وقتهم بكفاءة بفضل الطاقة الإضافيةوالوضوح العقلي الذي اكتسبوه من أخذ فترات راحة وممارسة العناية الذاتية. اكتشف الموظفون شعوراً جديداً من الإبداع والإنتاجية عندمابدأوا بإدارة طاقتهم بفعالية. بعد مرور فترة، تغيرت ثقافة المؤسسة بعد أن أيقن المسؤولون فيها أن رفاهية الموظفين وإدارة الطاقة مهمة بنفسأهمية تحقيق المواعيد النهائية. شهدت المؤسسة تحسنًا في الإنتاجية العامة، وزيادة في سعادة الموظفين، وانخفاض في معدل تسربهم،حتى تغيّر شعارها ليصبح "طاقتنا بخدمتكم" وأصبحت أكثر جاذبية للمواهب التي تبحث عن بيئة عمل صحية.
كانت هذه القصة الوهمية كجرس إنذار لي لتطبيق دروسها في الحياة الحقيقية، وستكون دائمًا تذكيرًا بأن الإدارة الناجحة للوقت ليستكافية بمفردها، بل من الأجدى للحصول على الإمكانات القصوى للموظفين وبيئة عمل إيجابية ومنتجة إيجاد توازن بين إدارة الطاقة وإدارةالوقت. مع هذه الحكمة الجديدة، يجب على المؤسسات أن تدرك أهمية رفاهية الموظفين لأنها عامل أساسي يمكن أن يغير مشهد ثقافة العملنحو الأفضل.
يعتبر علم النفس الصناعي والمؤسسي أحد فروع علم النفس التطبيقي، حيث يركّز…
تجد المؤسسات نفسها بين مطرقة التكنولوجيا وسندان التغيير المستمر الذي يدفعها…
جلب فيروس كورونا المستجد مخاوف كثيرة هددت البشرية جمعاء. في هذه الأوقات…
انتشرت مؤخراً ممارسات تقليص حجم القوى العاملة، وأصبحت ظاهرة عالمية لا…
2024© جميع الحقوق محفوظة