دعونا نبدأ هذه المقالة بالاستماع إلى هذا الحوار بين اثنين من الموظفين:
الموظف الأول: "لماذا يتّسم جميع موظفي الموارد البشرية بهذه الطباع؟ أتردد في الذهاب إليهم أو حتى الاتصال بهم في كل مرة أحتاج فيها منهم شيئاً".
الموظف الثاني: "أتفق معك كثيراً! لقد قدمت شكوى سابقاً حول إحدى المشكلات التي واجهتني في العمل، كنت مستاءً حقاً وكنت بحاجة إلى شخص ليتحدّث معي ويتفّهم موقفي، وتخيّل ماذا قال الموظف المسؤول عن شؤون الموظفين؟ لقد قال لي: "يجب عليك تقديم شكواك عبر الإنترنت! حيث أنه لا يتم مناقشة أي شكوى قبل استلامها خطياً عبر النظام ".
يوضح هذا الحوار القصير انطباع العديد من الموظفين حول التعامل مع إدارات الموارد البشرية في المؤسسات. ستلاحظ في هذا المثال أن الموظفين يشكون من مواقف موظفي إدارة الموارد البشرية، وليس مهاراتهم الفنية أو خبراتهم في إدارة الموارد البشرية.
يتم استثمار قدر كبير من الوقت والمال في إعداد وتهيئة مهنيي الموارد البشرية لأداء عملهم على نحو أفضل، وينصب تركيز هذا الاستثمار عادة على تنمية المهارات والمعارف الفنية في مجالات إدارة الموارد البشرية؛ مجالات مثل عمليات الاستقطاب والاختيار، والتدريب والتطوير، وإدارة الأداء، والتعويضات والمزايا.
يحضر إلى دورات ميرك التدريبية العديد من مهنيي الموارد البشرية الذين يسعون سعياً حثيثاً نحو تحسين مهاراتهم في إدارة الموارد البشرية، وبذلك تتجلّى القيمة التي تضعها المؤسسات في إدارة الموارد البشرية واستثماراتها الثقيلة في تطوير موظفي الموارد البشرية، كما تأمل المؤسسات أن هؤلاء الموظفين المؤهلين بعد هذه الدورات التدريبية سيقومون بدورهم بدعم زملائهم ومساعدتهم على تعزيز أدائهم ومستوى إنتاجيتهم، ولكن، هل يعتبر هذا التركيز على المهارات الفنية للموارد البشرية كافياً؟ أظهر استطلاع للرأي أجراه مؤخراً عدد من المتخصصين في الموارد البشرية ممن حضروا ندوة على شبكة الإنترنت أجريتها حول موضوع هذه المقالة أنهم يستغرقون أكثر من 50٪ من وقتهم في استخدام مهارات تقع خارج خبراتهم في مجال الموارد البشرية. اسأل أي متخصص في الموارد البشرية عن دوره في المؤسسة؛ وسيجيبك بقوله: "أنا أعمل كمستشار للمدراء التنفيذيين، وممثل خدمة العملاء، والمستشار الشخصي للموظفين، كما علي حل مشكلات مديري، وهذا ليس سوى عدد قليل من الأدوار التي ألعبها."
هذا هو واقع مهام موظفي الموارد البشرية، حيث يُتوقّع منهم تقديم حلول الموارد البشرية مغلّفة بأفضل مستوى من خدمة العملاء، ومحاطة بجميع عناصر التواصل الفعال إلى جانب إظهار التعاطف، وأن يتمتعوا بالقاعدة المعرفية الواسعة لطبيعة احتياجات العمل، ذلك كله مع الاتسام بالمصداقية الشخصية والذكاء العاطفي العالي.
وفقا لبيكر، وهوسليد وأولريش، هناك ست كفاءات رئيسة على جميع مهنيي إدارة الموارد البشرية التمتع بها، وهي مدرجة في الجدول التالي:
الكفاءات | النتائج التي توصّل إليها بيكر، وهوسليد، وأولريش (2003) |
---|---|
الخبرة في مجال عمل الشركة | استيعاب القدرات المالية والاستراتيجية والتقنية للمؤسسة |
تقديم ممارسات الموارد البشرية | القدرة والكفاءة والابتكار في تقديم ممارسات الموارد البشرية، وإتقان نظرية الموارد البشرية وتكييفها لتتلاءم مع حالات العمل الفريدة من نوعها |
إدارة التغيير | تشخيص المشكلات، وإنشاء العلاقات، ووضع الرؤى، وحل المشكلات وتنفيذ الأهداف |
إدارة الثقافة المؤسسية | "حارس الثقافة" وبطلها، يعزز السلوكيات المطلوبة |
المصداقية الشخصية | التمسّك بالقيم، وإنشاء علاقات مبنية على الثقة واحترام وجهات النظر المختلفة |
الإدارة الاستراتيجية لقسم الموارد البشرية | التنسيق المتناغم لتطبيق المخطط الاستراتيجي للمؤسسة عبر اتباع نظام قياس الأداء المتوازن |
يتضمّن هذا النموذج اثنين فقط من الكفاءات الست التي ترتبط بوظائف الموارد البشرية بصورة مباشرة، أما الأربع المتبقية ترتبط أكثر بتقديم خدمات الموارد البشرية. وضعت جمعية إدارة الموارد البشرية (SHRM) منظوراً مختلفاً وموازياً لتلك الكفاءات، حيث يشمل هذا المنظور تسع كفاءات أساسية لمهنيي الموارد البشرية. وهي:
عند قراءة هذه القائمة ستدرك أن جمعية إدارة الموارد البشرية SHRM قد وضعت تركيزاً أكبر على كفاءات الموارد البشرية غير الأساسية، حيث واحدة فقط من الكفاءات التسع مصنفة ككفاءة فنية من كفاءات إدارة الموارد البشرية.
خلال خبرتي التي تتجاوز الخمسة وعشرين عاماً من العمل في إدارة الموارد البشرية؛ وجدت أنني بحاجة مستمرة إلى تنمية مهاراتي في التواصل وتعميق معرفتي لقطاع عمل الشركة، ولم يقف الأمر عند ذلك، ولكني وجدت نفسي ألعب دور المستشار للمدراء وموجهاً للموظفين أيضاً، وكان التعاطف أحد الكفاءات الرئيسة التي كان علي تحسينها وتعزيزها باستمرار، حيث كان إظهار التعاطف عنصراً أساسياً لنجاح جميع خدمات الموارد البشرية التي أقدّمها على المستوى المؤسسي أو الفردي، ذلك بالإضافة للعديد من كفاءات الموارد البشرية غير الأساسية الأخرى التي تم توظيفها باستمرار في مهامي المهنية، كما تضمنت كفاءات أخرى تتعلق بالذكاء العاطفي، مثل خدمة العملاء وحل المشكلات وإدارة النزاعات، وفوق ذلك كله كان علي تعلم جميع لغات الأعمال: مثل لغة الأرقام التي استخدمتها مراراً وتكراراً في نقاشات المهنية حول مؤشرات الأداء الرئيسة KPIs أو الميزانيات أو التخطيط.
تشير الأدلة الدامغة إلى أن أهمية الكفاءات غير المتعلقة مباشرة بالموارد البشرية تتساوى بالتأكيد إن لم تتجاوز أهمية الكفاءات الفنية لإدارة الموارد البشرية.
أشارككم قائمة الكفاءات غير المتعلقة بإدارة الموارد البشرية بصورة مباشرة والتي أوصي جميع مهنيي الموارد البشرية اكتسابها وتطويرها في سبيل تحقيق النجاح المهني:
القائمة المذكورة أعلاه ليست شاملة لجميع الكفاءات، ومع ذلك، فمن رأي الكاتب أنه ينبغي أن المتخصصين في الموارد البشرية اكتسابها على المستوى المتوسط، ليتمكنوا من إيجاد طريقهم نحو حياة مهنية صحية ومستقبل ناجح.
ملاحظة أخيرة: على الرغم من أن هذه المقالة كتبت من منظور أخصائي الموارد البشرية؛ إلا أنه يمكن بسهولة أن تقدّم نصائحاً وتوصيات لأي محترف يعمل في وظيفة داعمة مثل الخدمات اللوجستية والمالية وتكنولوجيا المعلومات أو الإدارة العامة.
يعتبر علم النفس الصناعي والمؤسسي أحد فروع علم النفس التطبيقي، حيث يركّز…
في ضوء التقدم السريع للتكنولوجيا وما يسمى الثورة الصناعية 4.0، أي الذكاء…
تجد المؤسسات نفسها بين مطرقة التكنولوجيا وسندان التغيير المستمر الذي يدفعها…
انتشرت مؤخراً ممارسات تقليص حجم القوى العاملة، وأصبحت ظاهرة عالمية لا…
2023© جميع الحقوق محفوظة