لطالما أثار اهتمامي موضوع مشاركة الموظفين. وقد قرأت قدراً كبيراً من الكتب والأوراق البيضاء التي تتناول هذا الموضوع في محاولة للكشف عن أسراره. وتساءلت حول تفسير واضح، ولكن معظم أصحاب العمل الذين قابلتهم واجهوا صعوبة في تقديم إجابة مرضية. من ناحية أخرى، اتفق جميع الذين تكلمت معهم تقريباً على أن مشاركة الموظفين يمثل عاملاً أساسياً في نجاح المؤسسة. إذا كنت تشاركني نفس الاهتمام، اقرأ هذه المقالة التي قد تبدد شكوكك وتعطيك إجابة على بعض استفساراتك المتعلقة بهذا الموضوع المثير للاهتمام. على مر السنين، علمت أن أفضل طريقة لإبلاغ موضوع هو أن تعيشه بنفسك. بدأت تجربتي مع مشاركة الموظفين عند لقاء عميل غير متوقع زارني في مكتبي. وكان هذا العميل ذو خبرة واسعة ويتحدث ببلاغة. ولكن ما أعجبني به لم تكن صفاته الظاهرة، بل كانت العاطفة والثقة التي ظهرت عند حديثه عن شركته. من قبيل الصدفة، أصبحنا زملاء عمل لاحقاً، مما ساعدني على التعلم من خلال أفعاله، كيف يتم إظهار مدى فعالية مشاركة الموظفين من خلال سلوكيات معينة. يعمل الموظفون المشاركون بطريقة فريدة من نوعها. فهم متعاونون ويأخذون المبادرات ويقومون بعدد أقل من الأخطاء ويتجاوزون التوقعات ولديهم الرغبة الشديدة في البقاء مع الؤسسة، ويتحدثون بشكل إيجابي عنها ويعملون بشغف ويشعرون بأن لكل شخص مصلحة في نمو المؤسسة. قد يتساءل المرء كيف يمكن أن تظهر مثل هذه السلسلة الواسعة من السلوكيات الإيجابية. في هذه المقالة، أقدم الجواب على هذا السؤال من خلال محاولة الحصول على الدروس المستفادة من مشاركة الموظفين وتقديمها في نموذج سأشير إليه بنموذج ميرك لإشراك الموظفين (MEEM). يتكون هذا النموذج من خمس خطوات بسيطة. في حين أنني لا أستطيع أن أعدكم بأن هذه الخطوات ستفعل المعجزات، ولكن أشعر بثقة من أنها ستضعكم على الطريق الصحيح نحو مشاركة الموظفين بنجاح.
التحفيز:
قد يكون تحفيز موظفيك التحدي الأصعب والأكثر أهمية الذي تواجهه كقائد. وذلك لأن ما يحفز شخص ما قد لا يكون بالضرورة ما يحفز شخص آخر. بعض الناس يعملون لتحقيق الذات، والبعض الآخر لتحقيق هدف أو المساهمة في شيء أكبر وضعوه لأنفسهم. وإن تحفيز القادة، يعمل على بناء بيئة عمل تشمل على مجموعة من المحفزات التي يمكن أن تؤدي إلى تحسين الأداء وكذلك زيادة الاحتفاظ بالموظفين والرضا. في حين يعتقد معظم المدراء أن أهم جانب تحفيزي في العمل هو الجانب المالي، يتفهم القادة أن الموظفين يريدون أكثر من ذلك؛ فهم يريدون أن يتم تقديرهم بطريقة شخصية ذات معنى.
التمكين:
يمكّن القادة الموظفين من خلال تزويدهم بمهام هامة تشكل تحدياً لهم وتوفر فرصاً للتقدم الوظيفي. إن القائد الذي يمكّن موظفيه يتيح لهم المجال لارتكاب الأخطاء، والتعلم من هذه الأخطاء، وحلها باستخدام الأفكار الإبداعية. ولا يمكن أن يكون التمكين دون وجود التفويض والثقة المناسبين. فالسماح للموظفين بالقيام بعملهم دون التدخل أو وجود الإدارة الجزئية يجعلهم يتفوقون. ويبادر الموظفون الذين تم تمكينهم من خلال تولي المهام واستكمالها بوجود القليل من التوجيه أو بدونه. ويستند التمكين إلى فكرة بسيطة؛ ألا وهي إعطاء الموظفين مهام جديدة وصعبة، وموارد، وسلطة، وفرصة، فضلاً عن تحميلهم مسؤولية نتائج أعمالهم من أجل بناء كفاءتهم ورضاهم الذاتي.
الاستثمار:
المنتجات والخدمات وحتى الشركات يمكن أن يقلدها المنافسين. أما الموهبة لا يمكنهم تقليدها. فالموهبة هي ما يميز المؤسسة عن منافسيها وما تؤمن به المؤسسات المزدهرة. ونتيجة لذلك، جمعت هذه المؤسسات ذخيرة من المهارات الداخلية. بالإضافة إلى ذلك، أوقفت تسرب المواهب في وقت مبكر من خلال الاستثمار في تنمية المهارات. ومع ذلك فإن الاستثمار في الموظفين عانت منه العديد من المؤسسات. فإذا تم تطبيقه بالشكل الصحيح، سيوفر للمؤسسات عوائد مضمونة ومربحة. فكلما زاد عدد المؤسسات التي تستثمر في موظفيها، زاد عدد الموظفين الذين يطورون مهاراتهم في المجالات المرغوبة ويتعلمون طرقاً لتحسينها. فهو كتأثير الفراشة الذي يمكن أن تستفيد منه المؤسسة بأكملها ويؤثر على الموظفين للاستثمار أكثر في أنفسهم لتحقيق أهدافهم الشخصية والمهنية.
المكافاة:
إن وجود قادة نشيطين ومشاركين يبني بيئة عمل يشعر فيها الموظفون بتقدير لمساهماتهم وإنجازاتهم. وتعزز المكافآت ثقافة المشاركة في المؤسسة، في حين أن التقدير يعتبر أداة لتعزيز السلوكيات التي تدفع المؤسسة إلى التميز. يمكن للقادة أن يقدموا مجموعة متنوعة من المكافآت لرفع معنويات الموظفين بشكل يتجاوز كل التوقعات. وتعد المكافآت المالية من العوامل الأكثر تحفيزاً؛ ومع ذلك يمكن أن تتنوع المكافآت من مكافآت غير مالية بسيطة إلى مكافآت كبيرة ومكلفة. كقائد، لا يجب عليك فقط مكافأة وتقدير المهمة التي تم القيام بها جيداً بالطريقة المناسبة، ولكن يجب التأكد من مكافأة أولئك الذين يضيفون قيمة للمؤسسة ويمساهمون في إنجازاتها.
التواصل:
يتواص أصحاب العمل النشيطين والمشاركين بشكل واضح وفعال ومستمر مع موظفيهم. إن توضيح الاستراتيجية بالتدريج أمر لا بد منه، في حين أن تبسيط وتوزيع الأدوار بعناية سيسلط الضوء على ما هو مطلوب من كل موظف. بالإضافة إلى ذلك، يقدم أصحاب العمل المشاركين آراءهم المتعلقة بالموظفين. وهم يعرفون كيف يهنئوهم عندما يقومون بمهامهم، ولكنهم يناقشون أيضاً مجالات التحسين. يقدم القادة المشاركين لموظفيهم الحلول الممكنة وخطط العمل. ويكون الموظفين المشاركين نتيجة مباشرة للمشاركة وتقديم الآراء الفعالة والصادقة، وكذلك فهم استراتيجية الشركة والمساهمة الشخصية.
المشاركة هي بالتأكيد موضوع مثير للاهتمام. فمن خلال شرح نموذج المشاركة المتّبع في شركة ميرك، كان هدفي تسليط الضوء على أهمية هذا الموضوع لكل من أصحاب العمل والموظفين. ربما، قبل فوات الأوان وقبل أن يتابع الموظفين عدم مشاركتهم، ستترجم المؤسسات الكلمات إلى أفعال. وستساعد المشاركة هذه المؤسسات على تجنب العواقب السلبية عند غيابها. تجلب المشاركة مكافأة كبيرة أكبر من كل شيء وهي وجود قوة عاملة تشارك بشكل كامل. بعد رؤية تطبيق هذا النموذج بالواقع العملي، فهمت المعنى الحقيقي لمشاركة الموظف وأشبعت فضولي. التحدي الذي أقدمه لك هو السعي لتحقيق هذا النموذج في مؤسستك لمعرفة أهميته بنفسك.
قرأت مؤخرًا مقالًا حول ضرورة إدارة مستويات طاقة الموظفين بدلاً من التركيز…
يعتبر علم النفس الصناعي والمؤسسي أحد فروع علم النفس التطبيقي، حيث يركّز…
تجد المؤسسات نفسها بين مطرقة التكنولوجيا وسندان التغيير المستمر الذي يدفعها…
في ضوء التقدم السريع للتكنولوجيا وما يسمى الثورة الصناعية 4.0، أي الذكاء…
2024© جميع الحقوق محفوظة